*مفهوم الفلسفة الحديثة:
الفلسفة: لغة: (فلسف : الفَلْسفة: الـحِكْمة، أَعجمي، وهو الفَـيْلسوف وقد تَفَلْسَفَ)0
وقد انتقلت لفظة فلسفة إلى اللغة العربية من اللغة اليونانية، وأصبحت من الألفاظ المعرّبة التي يجري عليها التصريف والاشتقاق، فيقال: فلسف يتفلسف ومتفلسف وفيلسوف...إلخ0
اصطلاحاً: عرّفت الفلسفة بتعريفات عديدة، من أهمها مايلي:
1- الفلسفة هي: (حب الحكمة) أو (إيثار الحكمة).
2- الفلسفة هي: (التشبه بأفعال الله تعالى، بقدر طاقة الإنسان).
الفلسفة هي: (العناية بإماتة الشهوات).
*وفي العصور الحديثة تعرف الفلسفة بأنها:
دراسة المبادئ الأولى، التي تفسر المعرفة تفسيراً عقلياً0
ومن الملاحظ على التعريفات الحديثة،ميلها بالفلسفة تجاه نظرية المعرفة.
ويعرّف هسرل ــ أحد الفلاسفة المعاصرين ــ الفلسفة على أنها: (علم بالمبادئ الحقيقية وبالأصول، وبجذور الكل
ويقابل هسرل، ألويس ريل، إذ يرى أن الفلسفة هي: (علم الشعور، وهي الإدراك العلمي للشعور وموضوعاته وقوانينه)
*وقد اختلف في تحديد الفترة الزمنية للفلسفة الحديثة على رأيين:
1- إن الفلسفة المعاصرة هي فلسفة القرن العشرين.
2- لا تقتصر الفلسفة المعاصرة على فلسفة القرن العشرين، بل تضم فلسفة القرن التاسع عشر وما أنجزته من تيارات عميقة تتصل بالإنسان والكون والمجتمع.
*خصائص الفكر الفلسفي الحديث:
كان للفلسفة الحديثة خصائص وميزات تميزت بها عن غيرها، نود هنا أن نلمح سريعاً لشيء من تلك الخصائص، ولكن قبل الخوض في المراد أشير إلى أنه من الصعب تحديد فكرٍ معينٍ تحديداً دقيقاً،
فكلما حاولوا أن يحددوا خصائصه ويفصلوا مميزاته، في كل طور من أطواره، أمعنوا في الغموض، وأوقعوا في الحيرة.
وكلما قصدوا بيان إلى بيان واضح يسترشد به الباحثون والدارسون في تبويب المعرفة الإنسانية وتصنيفها، شط بهم القصد، وذهب بهم الجهد بعيداً عن مرمى غايتهم وتحقيق غرضهم0
و بدت طلائع الفلسفة الحديثة التي كانت في أول عهدها اميل الي الإتجاه نحو الطبيعة،و أنصرف الفكر الحديث بدافع الروح اليونانية الي الطبيعة و علومها ينظر فيها نظراً غير متحيزاً و قويت الرغبة في تعرف العالم الجديد،هذا و لم تكن الفلسفة الحديثة طبيعية فحسب بل كانت فردية كذلك ،فقد كان من خواصها الفرد و تحريره من رق رجال الكنيسة،وكان من أغراض الحركة الحديثة تقرير حق الفرد في الحكم علي الأشياء،فلكل فرد أن يبحث و ينتقد غير مقيد في ذلك بأية سلطة خارجية،ومعني هذا كله أن النهضة الفكرية قررت أن يكون لعقل الفرد القول الفاصل و علي هذا الأساس قامت الفلسفة الحديثة و كان أول من حمل لوائها بيكون و ديكارت،و أتفق هذان الفيلسوفان في الغرض و لكنهما أختلفا في الوسيلة المؤدية اليه،فبينما يذهب بيكون الي أن المصدر الوحيد للحقائق هو ملاحظة العالم الخارجي و تجربة الظواهر إذا بديكارت يعترف بأن يكون العقل معيناً تتدفق منه المعرفة الي جانب العالم الخارجي الذي ينتقل الينا علمه بالحواس ،وكان بذلك بيكون مؤسس الفلسفة التجريبية كما كان ديكارت واضع الأساس لفلسفة عقلية حديثة
*و يتميز الفكر الفلسفي الحديث بثلاث خصائص هي :
1- النزعة العلمية Scientific:
و نذكر هنا الخصائص التي تميز بها الفكر الفلسفي الحديث لاسيما بعد أن انفصل تدريجياً عن سلطة الدين فلم تعد الفلسفة مقيدة بقيود الكنيسة أو خادمة لها بل عبرت عن الواقع العلمي التجريبي في سائر المجالات إذ تجرأ الفلاسفة علي الواقع الطبيعي فبينما أن تفكير العالم يتميز بالموضوعية الخاصة بالبحث العلمي يحاول سبر أغوار الواقع بتحري جزئياته و تفصيلاته المختلفة ،ولا يستطيع أن يتدرج من هذه الجزئيات الي تعميمات شكلية،نجد أن الفيلسوف يقوم بجمع النتائج الدقيقة للأبحاث العلمية و يكون منها نظريات و تصورات و قيم عن العالم في المجالات الفنية و الخلقية و الدينية بحيث لا تتعارض هذه النظريات مع نتائج البحث العلمي أو تخل بمبادئه ،فالفلسفة في العصر الحديث أقتربت بجرأة من الواقع و هبطت من سماء المثل الي عالم المادة و الإنسان فتلمست مشاكله و سعت لخدمته و كونت نظريات العامة بالإتفاق مع ما توصل اليه العلم فجاز لنا أ نميزها بالطابع العلمي0
2- الطابع الفردي Individual:
الفكر الفلسفي الحديث تميز بالنزعة الفردية فالفيلسوف يحاول جاهداً التوصل الي آرائه و نظرياته بذاته ليتقصي الوقائع و يضع الفروض و يجري التجارب حتي يصل الي النتائج في غير خضوع لهدف محدد أو خطة مرسومة للحكومة أو السلطة الكنيسية ،فالفيلسوف الحديث يعمل في حرية شخصية في فردية و أصالة تتميز بهما الفلسفة الحديثة التي أكدت ذاتية الفرد و سلطت الأضواء علي شخصيته وأهمية وجوده و فكره0
3-سمة الدولية International :
تميزت الفلسفة الحديثة بسمة الدولية علي عكس الفلسفات القديمة التي كانت تعبر عن فكر شعوبها و قومياتها،بينما الفكر الفلسفي الحديث قد جمع بين كل هذه الفلسفات و نسقها و قدمها للإنسانية تراثاً عاماً تعرفه و تستفيد منه سائر الشعوب ،فالفسفة الحديثة قد قدمت للإنسانية تراثاً محدداً منظماً جمع بين القديم و الحديث تتداوله جامعات العالم و تحفظه مكتباتها بإعتباره ملكاً للإنسانية و ليس ملكاً لدوله أو قومية،ولا يعني تدويل الفكر الفلسفي علي مستوي العالم غض النظر عن الفكر الكلاسيكي و عن محاولة تجديده فالكثير من الدراسات الفلسفية تقدم أبحاث موضوعية عن الفلسفة القديمة في ضوء التيارات الفلسفية الحديثة0
*مميزات الفلسفة الحديثة:
1- حرية الفكر:
بحيث لا يؤمن المفكر بأي رأي، إلا بعد إمعان الفكر والنظر، ومن هنا استقلت الفلسفة عن الدين، فوجدت فلسفة الحادية، وأخرى تتحدث عن المسيحية لكن على أنها مجرد عاطفة دينية فقط، وثالثة تشيد بالعلم الآلي.
2- اصطناع منهج جديد:
بحيث يوصل إلى المعرفة الصحيحة.
3- اتجاه الفلسفة إلى احتواء جميع العلوم:
هذا مع ملاحظة أن هذه الصفة الثالثة، قد تغيرت منذ بدأت العلوم تتقلص عن شجرة الفلسفة.
4- العناية بالإنسان:
في كل ما يملأ وجوده الواقعي في عالمي الأشياء والأغيار (الأشخاص الآخرين).
وتتمثل هذه الفلسفة في بيكون وديكارت، إلا أن بيكون صاحب منهج تجريبي، موصل إلى معرفة العلوم الطبيعية، بينما ديكارت صاحب منهج عقلي رياضي يقوم على الوضوح، ويصلح للبحث في الفلسفة العامة0
*منهج دراسة الفلسفة الحديثة:
ذكرنا أن الفكر الفلسفي الحديث قد تميز بثلاث خصائص هامة تمثلت في النزعة العلمية،و الإتجاه الفردي،وسمة الدولية
وهذا يستلزم منا الإهتمام بالنواحي التالية عند دراسة الفلسفة الحديثة:
أولاً: لما كان تاريخ الفلسفة مترابطاً و متصلاً ترتب علي ذلك ضرورة دراسة العلاقة بين مذهب الفيلسوف و موقفه من المذاهب السابقة عليه و المعاصرة له0
ثانياً: لما كان الفيلسوف هو خير من يعبر عن روح عصره ،استوجب ذلك دراسة مذهبه بإعتباره ممثلاً لعصره و مترجماً للتيارات العلمية و الدينية و الأخلاقية و الإقتصادية في العصر الذي يعيش فيه0
ثالثاً: لما كانت حياة الفيلسوف هي المعين الذي تنصهر فيه أفكاره و تتبلور آرائه ،لزم ضرورة الإهتمام بدراسة ترايخ حياة الفيلسوف لأهميتها في دراسة المذهب0
*إتجاهات الفلسفة الحديثة:
أولاً الإتجاه المثالى:
أصبح الإنسان فى العصر الحديث بذاتيته وفرديته محور البحث الفلسفى، وأوضح الفلاسفة المحدثون أن العقل هو القوة المشتركة بين الناس جميعاً، ومن أجل ذلك كانوا ينظرون إلى الإنسان نظرة عامة وكلية وشاملة0وتلك هى المثالية الحديثة التى كانت تختلف عن مثالية أفلاطون التى كانت تقول بوجود عالم للمثل ثم ظهرت الفلسفة الجدلية مع هيجل كمحاولة للتوفيق بين كلية الوجود والواقع أو المطلق من ناحية، وكلية الإنسان من ناحية أخرى.
كما أنه وضع التناقص فى قلب الوجود ومثل هيرقليطس الذى جعل العقل قانون الوجود، جعل هيجل الروح أو المطلق ماهية الوجود أى صورته وحقيقته.
إن التوسع الجدلى معناه الإختفاء والظهور، العدم والوجود، الموت والحياة، تماماً كما تختفى البراعم عندما تتفتح الأزهار،ولكن الفكر الغربى الحديث قد أغرق فى المثالية حتى وإن كان يرى فيها صورة الحقيقة، فالحقيقة فى نظره صورة لا مادة، عقل بلا إحساس أو خيال، هذا لأن الفكر قد تجمد فى الصورة والتصورات العقلية وتجاوز ذاته الفردية إلى الذات الكلية، وكان لا بد وأن يشعر الإنسان الذى يتجاوز العالم بالغربة فى هذا العالم هكذا تمثلت العقلانية الغربية عند أقطابها، من أمثال ديكارت وكانط وهيجل، فكانت الذات بمعناها الكلى والعام بل والمطلق أيضاً هى مصدر كل علم ومعرفة.
ثانياً الإتجاه التجريبى:
فى ذلك الوقت كان الفلاسفة الإنجليز فى الجزر البريطانية "حسيين وتجريبيين وتحليليين فى مجال المعرفة" وكانوا يعملون للواقع ألف حساب.
لقد خضع الفكر الإنجليزى للواقع وسلم له العقل تسليماً وكانت مهمة هؤلاء المفكريين هى رفض كل ما يتصف بالضرورة والثبات وأصبحت الفلسفة لديهم مجرد تحليل للأفكار وتفتيت للواقع.
لا شئ سوى الإحساس والخبرة الحسية أما العقل فوظيفته تنقية هذه الخبرة وتصفية التجربة الإنسانية لمعرفة مغزاها ومعناها، وكل ما يبعد عن الخبرة الحسية يكون هناك عند شواطئ البحار البعيدة المجهولة.
*خلاصة القـــــول
مما سبق نستطيع أن نوجز فى عجالة سريعة أهم السمات التى تتميز بها الفلسفة الحديثة، فالفكر الحديث فى تصورنا يتمثل فى السعى وراء هدفين أساسيين:-
1- النهوض بالعلم وإعتباره الوسيلة الفعالة لمعرفة حقيقة العالم والأشياء0
2- وضع أصول فلسفة جديدة تحل محل فلسفة العصور الوسطى التى كانت فى خدمة الدين 0
وإنطلاقاً من هذا تغيرت نظرة الإنسان إلى الطبيعة بفضل تقدم العلم الحديث، وبدلاً من خضوع الإنسان للطبيعة وجوداً وفكراً - كما ظن القدماء - مثل أرسطو، أصبح الإنسان الحديث يسعى إلى أن يكون بالعلم سيداً أو مالكاً للطبيعة ،ولهذا فالفلسفة الحديثة يجب أن تختلف عن الفلسفة القديمة من ناحية، وفلسفة العصر الوسيط من ناحية أخرى
الفلسفة: لغة: (فلسف : الفَلْسفة: الـحِكْمة، أَعجمي، وهو الفَـيْلسوف وقد تَفَلْسَفَ)0
وقد انتقلت لفظة فلسفة إلى اللغة العربية من اللغة اليونانية، وأصبحت من الألفاظ المعرّبة التي يجري عليها التصريف والاشتقاق، فيقال: فلسف يتفلسف ومتفلسف وفيلسوف...إلخ0
اصطلاحاً: عرّفت الفلسفة بتعريفات عديدة، من أهمها مايلي:
1- الفلسفة هي: (حب الحكمة) أو (إيثار الحكمة).
2- الفلسفة هي: (التشبه بأفعال الله تعالى، بقدر طاقة الإنسان).
الفلسفة هي: (العناية بإماتة الشهوات).
*وفي العصور الحديثة تعرف الفلسفة بأنها:
دراسة المبادئ الأولى، التي تفسر المعرفة تفسيراً عقلياً0
ومن الملاحظ على التعريفات الحديثة،ميلها بالفلسفة تجاه نظرية المعرفة.
ويعرّف هسرل ــ أحد الفلاسفة المعاصرين ــ الفلسفة على أنها: (علم بالمبادئ الحقيقية وبالأصول، وبجذور الكل
ويقابل هسرل، ألويس ريل، إذ يرى أن الفلسفة هي: (علم الشعور، وهي الإدراك العلمي للشعور وموضوعاته وقوانينه)
*وقد اختلف في تحديد الفترة الزمنية للفلسفة الحديثة على رأيين:
1- إن الفلسفة المعاصرة هي فلسفة القرن العشرين.
2- لا تقتصر الفلسفة المعاصرة على فلسفة القرن العشرين، بل تضم فلسفة القرن التاسع عشر وما أنجزته من تيارات عميقة تتصل بالإنسان والكون والمجتمع.
*خصائص الفكر الفلسفي الحديث:
كان للفلسفة الحديثة خصائص وميزات تميزت بها عن غيرها، نود هنا أن نلمح سريعاً لشيء من تلك الخصائص، ولكن قبل الخوض في المراد أشير إلى أنه من الصعب تحديد فكرٍ معينٍ تحديداً دقيقاً،
فكلما حاولوا أن يحددوا خصائصه ويفصلوا مميزاته، في كل طور من أطواره، أمعنوا في الغموض، وأوقعوا في الحيرة.
وكلما قصدوا بيان إلى بيان واضح يسترشد به الباحثون والدارسون في تبويب المعرفة الإنسانية وتصنيفها، شط بهم القصد، وذهب بهم الجهد بعيداً عن مرمى غايتهم وتحقيق غرضهم0
و بدت طلائع الفلسفة الحديثة التي كانت في أول عهدها اميل الي الإتجاه نحو الطبيعة،و أنصرف الفكر الحديث بدافع الروح اليونانية الي الطبيعة و علومها ينظر فيها نظراً غير متحيزاً و قويت الرغبة في تعرف العالم الجديد،هذا و لم تكن الفلسفة الحديثة طبيعية فحسب بل كانت فردية كذلك ،فقد كان من خواصها الفرد و تحريره من رق رجال الكنيسة،وكان من أغراض الحركة الحديثة تقرير حق الفرد في الحكم علي الأشياء،فلكل فرد أن يبحث و ينتقد غير مقيد في ذلك بأية سلطة خارجية،ومعني هذا كله أن النهضة الفكرية قررت أن يكون لعقل الفرد القول الفاصل و علي هذا الأساس قامت الفلسفة الحديثة و كان أول من حمل لوائها بيكون و ديكارت،و أتفق هذان الفيلسوفان في الغرض و لكنهما أختلفا في الوسيلة المؤدية اليه،فبينما يذهب بيكون الي أن المصدر الوحيد للحقائق هو ملاحظة العالم الخارجي و تجربة الظواهر إذا بديكارت يعترف بأن يكون العقل معيناً تتدفق منه المعرفة الي جانب العالم الخارجي الذي ينتقل الينا علمه بالحواس ،وكان بذلك بيكون مؤسس الفلسفة التجريبية كما كان ديكارت واضع الأساس لفلسفة عقلية حديثة
*و يتميز الفكر الفلسفي الحديث بثلاث خصائص هي :
1- النزعة العلمية Scientific:
و نذكر هنا الخصائص التي تميز بها الفكر الفلسفي الحديث لاسيما بعد أن انفصل تدريجياً عن سلطة الدين فلم تعد الفلسفة مقيدة بقيود الكنيسة أو خادمة لها بل عبرت عن الواقع العلمي التجريبي في سائر المجالات إذ تجرأ الفلاسفة علي الواقع الطبيعي فبينما أن تفكير العالم يتميز بالموضوعية الخاصة بالبحث العلمي يحاول سبر أغوار الواقع بتحري جزئياته و تفصيلاته المختلفة ،ولا يستطيع أن يتدرج من هذه الجزئيات الي تعميمات شكلية،نجد أن الفيلسوف يقوم بجمع النتائج الدقيقة للأبحاث العلمية و يكون منها نظريات و تصورات و قيم عن العالم في المجالات الفنية و الخلقية و الدينية بحيث لا تتعارض هذه النظريات مع نتائج البحث العلمي أو تخل بمبادئه ،فالفلسفة في العصر الحديث أقتربت بجرأة من الواقع و هبطت من سماء المثل الي عالم المادة و الإنسان فتلمست مشاكله و سعت لخدمته و كونت نظريات العامة بالإتفاق مع ما توصل اليه العلم فجاز لنا أ نميزها بالطابع العلمي0
2- الطابع الفردي Individual:
الفكر الفلسفي الحديث تميز بالنزعة الفردية فالفيلسوف يحاول جاهداً التوصل الي آرائه و نظرياته بذاته ليتقصي الوقائع و يضع الفروض و يجري التجارب حتي يصل الي النتائج في غير خضوع لهدف محدد أو خطة مرسومة للحكومة أو السلطة الكنيسية ،فالفيلسوف الحديث يعمل في حرية شخصية في فردية و أصالة تتميز بهما الفلسفة الحديثة التي أكدت ذاتية الفرد و سلطت الأضواء علي شخصيته وأهمية وجوده و فكره0
3-سمة الدولية International :
تميزت الفلسفة الحديثة بسمة الدولية علي عكس الفلسفات القديمة التي كانت تعبر عن فكر شعوبها و قومياتها،بينما الفكر الفلسفي الحديث قد جمع بين كل هذه الفلسفات و نسقها و قدمها للإنسانية تراثاً عاماً تعرفه و تستفيد منه سائر الشعوب ،فالفسفة الحديثة قد قدمت للإنسانية تراثاً محدداً منظماً جمع بين القديم و الحديث تتداوله جامعات العالم و تحفظه مكتباتها بإعتباره ملكاً للإنسانية و ليس ملكاً لدوله أو قومية،ولا يعني تدويل الفكر الفلسفي علي مستوي العالم غض النظر عن الفكر الكلاسيكي و عن محاولة تجديده فالكثير من الدراسات الفلسفية تقدم أبحاث موضوعية عن الفلسفة القديمة في ضوء التيارات الفلسفية الحديثة0
*مميزات الفلسفة الحديثة:
1- حرية الفكر:
بحيث لا يؤمن المفكر بأي رأي، إلا بعد إمعان الفكر والنظر، ومن هنا استقلت الفلسفة عن الدين، فوجدت فلسفة الحادية، وأخرى تتحدث عن المسيحية لكن على أنها مجرد عاطفة دينية فقط، وثالثة تشيد بالعلم الآلي.
2- اصطناع منهج جديد:
بحيث يوصل إلى المعرفة الصحيحة.
3- اتجاه الفلسفة إلى احتواء جميع العلوم:
هذا مع ملاحظة أن هذه الصفة الثالثة، قد تغيرت منذ بدأت العلوم تتقلص عن شجرة الفلسفة.
4- العناية بالإنسان:
في كل ما يملأ وجوده الواقعي في عالمي الأشياء والأغيار (الأشخاص الآخرين).
وتتمثل هذه الفلسفة في بيكون وديكارت، إلا أن بيكون صاحب منهج تجريبي، موصل إلى معرفة العلوم الطبيعية، بينما ديكارت صاحب منهج عقلي رياضي يقوم على الوضوح، ويصلح للبحث في الفلسفة العامة0
*منهج دراسة الفلسفة الحديثة:
ذكرنا أن الفكر الفلسفي الحديث قد تميز بثلاث خصائص هامة تمثلت في النزعة العلمية،و الإتجاه الفردي،وسمة الدولية
وهذا يستلزم منا الإهتمام بالنواحي التالية عند دراسة الفلسفة الحديثة:
أولاً: لما كان تاريخ الفلسفة مترابطاً و متصلاً ترتب علي ذلك ضرورة دراسة العلاقة بين مذهب الفيلسوف و موقفه من المذاهب السابقة عليه و المعاصرة له0
ثانياً: لما كان الفيلسوف هو خير من يعبر عن روح عصره ،استوجب ذلك دراسة مذهبه بإعتباره ممثلاً لعصره و مترجماً للتيارات العلمية و الدينية و الأخلاقية و الإقتصادية في العصر الذي يعيش فيه0
ثالثاً: لما كانت حياة الفيلسوف هي المعين الذي تنصهر فيه أفكاره و تتبلور آرائه ،لزم ضرورة الإهتمام بدراسة ترايخ حياة الفيلسوف لأهميتها في دراسة المذهب0
*إتجاهات الفلسفة الحديثة:
أولاً الإتجاه المثالى:
أصبح الإنسان فى العصر الحديث بذاتيته وفرديته محور البحث الفلسفى، وأوضح الفلاسفة المحدثون أن العقل هو القوة المشتركة بين الناس جميعاً، ومن أجل ذلك كانوا ينظرون إلى الإنسان نظرة عامة وكلية وشاملة0وتلك هى المثالية الحديثة التى كانت تختلف عن مثالية أفلاطون التى كانت تقول بوجود عالم للمثل ثم ظهرت الفلسفة الجدلية مع هيجل كمحاولة للتوفيق بين كلية الوجود والواقع أو المطلق من ناحية، وكلية الإنسان من ناحية أخرى.
كما أنه وضع التناقص فى قلب الوجود ومثل هيرقليطس الذى جعل العقل قانون الوجود، جعل هيجل الروح أو المطلق ماهية الوجود أى صورته وحقيقته.
إن التوسع الجدلى معناه الإختفاء والظهور، العدم والوجود، الموت والحياة، تماماً كما تختفى البراعم عندما تتفتح الأزهار،ولكن الفكر الغربى الحديث قد أغرق فى المثالية حتى وإن كان يرى فيها صورة الحقيقة، فالحقيقة فى نظره صورة لا مادة، عقل بلا إحساس أو خيال، هذا لأن الفكر قد تجمد فى الصورة والتصورات العقلية وتجاوز ذاته الفردية إلى الذات الكلية، وكان لا بد وأن يشعر الإنسان الذى يتجاوز العالم بالغربة فى هذا العالم هكذا تمثلت العقلانية الغربية عند أقطابها، من أمثال ديكارت وكانط وهيجل، فكانت الذات بمعناها الكلى والعام بل والمطلق أيضاً هى مصدر كل علم ومعرفة.
ثانياً الإتجاه التجريبى:
فى ذلك الوقت كان الفلاسفة الإنجليز فى الجزر البريطانية "حسيين وتجريبيين وتحليليين فى مجال المعرفة" وكانوا يعملون للواقع ألف حساب.
لقد خضع الفكر الإنجليزى للواقع وسلم له العقل تسليماً وكانت مهمة هؤلاء المفكريين هى رفض كل ما يتصف بالضرورة والثبات وأصبحت الفلسفة لديهم مجرد تحليل للأفكار وتفتيت للواقع.
لا شئ سوى الإحساس والخبرة الحسية أما العقل فوظيفته تنقية هذه الخبرة وتصفية التجربة الإنسانية لمعرفة مغزاها ومعناها، وكل ما يبعد عن الخبرة الحسية يكون هناك عند شواطئ البحار البعيدة المجهولة.
*خلاصة القـــــول
مما سبق نستطيع أن نوجز فى عجالة سريعة أهم السمات التى تتميز بها الفلسفة الحديثة، فالفكر الحديث فى تصورنا يتمثل فى السعى وراء هدفين أساسيين:-
1- النهوض بالعلم وإعتباره الوسيلة الفعالة لمعرفة حقيقة العالم والأشياء0
2- وضع أصول فلسفة جديدة تحل محل فلسفة العصور الوسطى التى كانت فى خدمة الدين 0
وإنطلاقاً من هذا تغيرت نظرة الإنسان إلى الطبيعة بفضل تقدم العلم الحديث، وبدلاً من خضوع الإنسان للطبيعة وجوداً وفكراً - كما ظن القدماء - مثل أرسطو، أصبح الإنسان الحديث يسعى إلى أن يكون بالعلم سيداً أو مالكاً للطبيعة ،ولهذا فالفلسفة الحديثة يجب أن تختلف عن الفلسفة القديمة من ناحية، وفلسفة العصر الوسيط من ناحية أخرى